وماذا يقول الاسرائيليون عن الحكام العرب...!
*نواف الزرو
nawafzaru@yahoo.com الشعب التونسي قال كلمته في هذه الانتفاضة الشعبية العارمة التي هزت عرش اعتى الانظمة العربية الامنية القمعية، واسقطت الديكتاتور الذي شكل نموذجا للدولة الفاسدة المستبدة، وأقام دولة بوليسية لقمع الناس وارهابهم وزجهم في غياهب سجون التعذيب والقتل والاخفاء، مستبد لم يحترم القانون والقضاء ومواثيق حقوق الانسان والمواطن، فقمع الأحزاب والقوى الحية، واعتقل الحريات العامة بتسويغاته المزيفة، ونهب خيرات البلاد هو وزوجته وعائلته، فبات الفساد في عهده الحزب الاكبر والاشد خطورة على الشعب والبلاد، وسلب المواطنين من مواطنتهم وجردهم من كل اسباب العيش حتى على الكفاف.
الشعوب العربية على امتداد خريطة العرب تقول في الحكام والانظمة السياسي العربية وفي الفساد العربي كل ذلك واكثر...!.
وحسب المؤشرات والقراءات المختلفة فان الشعوب العربية ترزح تحت رعب الحكام والامن والاعتقال مثلما رزح الشعب التونسي، وبالتاكيد ستشكل تجربة التونسيين الهاما ودرسا في الشجاعة والكرامة والقدرة على التغيير لكل العرب..!
ولكن على نحو آخر وفي الاتجاه الآخر: ماذ يقول الاسرائيليون الذين يعتبرون صراعهم مع الامة العربية صراعا وجوديا ويعملون على تفكيك الامة والدول والوحدة العربية الى جزيئات وشظايا كي يسهل عليهم السيطرة الاستراتيجية على العرب والمنطقة برمتها...؟!
كان سلفان شالوم وزير الخارجية الاسرائيلي في عهد شارون اعلن من على منبر الامم المتحدة "ان الجدار الحديدي العربي بين العرب واسرائيل اخذ يسقط"، واضاف بمنتهى الوقاحة الابتزازية: "ان على من يريد ان يساعد الفلسطينيين ان يتعاون مع اسرائيل.. وهذا شرط مسبق لاي دولة تريد ذلك- يوم الثلاثاء (20/9/2005).
وفي هذا السياق كان الجنرال الاسرائيلي يوسي كوبر فاسر رئيس دائرة الابحاث في شعبة الاستخبارات الاسرائيلية الذي يطلقون عليه هناك "العقل المدبر" اعلن:"ان العرب شغوفون باعفاء انفسهم من المسؤولية وتفكيرهم يخضع لغرائزهم ..."..وجاءت هذه النظرة السيكولوجية للعرب من قبل هذا الجنرال على خلفية قراءته لاسباب وعوامل الحرب الاسرائيلية على لبنان/ عن صحيفة هآرتس2006/8/12".
عمليا لا ينفرد هذا الجنرال في هذه القراءة ..فهناك عدد كبير من كبار جنرالاتهم وسياسييهم وباحثيهم يقرؤون الاحوال العربية بالمنهجية ذاتها ...
فهاهو شمعون بيريز عجوز السياسية الاسرائيلية قد استخلص مبكرا: "ان هناك رياحا جديدة تهب في الشرق الاوسط.. وان الغزو الامريكي للعراق نسف عسلفات كثيرة مثل وحدة الموقف العربي، فقد اثبت العرب انهم منقسمون على انفسهم"، وعاد يبريز وأكد ثانية لاحقا قائلا: انني ارى شرق اوسط جديدا، يبنى من جديد.. ان العالم يتغير كما نرى في العراق"..
والجنرال احتياط اوري ساغي رئيس الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية سابقا يلخص قراءته للواقع العربي بعد العراق قائلا:"لم يعد هناك اليوم قومية عربية شاملة في الصراع ضد اسرائيل".
بينما كان الجنرال موشيه يعلون رئيس اركان الجيش الاسرائيلي سابقا قد بسط رقعة بازل استراتيجية مكونة من قطع مختلفة مرتبطة ببعضها البعض: العراقية والايرانية والسورية والليبية والفلسطينية "والارهاب"والتهديدات غير التقليدية، ليعرب في الخلاصة عن تفاؤله مؤكدا ايضا: "نحن لم نعد نتحدث عن عالم عربي، ولا عن وحدة عربية، وانما يدور الحديث عن مصالح فئوية خاصة" .
والصحفي والكاتب إلاسرائيلي المعروف تسفي بارئيل يؤكد ذلك في هآرتس حيث كتب عن العرب ابان العدوان على غزة قائلا:"إن الصمت العربي الرسمي وتعليقات بعض المثقفين العرب على الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة ينظر إليه في إسرائيل على أنه "قبول عربي" بتلك الحملة وكأنها تستهدف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وليس كافة سكان غزة- وكالات-02/03/2008".
ولعل الكاتب الاسرائيلي المعروف "غاي باخور" كان الاقرب في قراءته السيكولوجية للواقع الرسمي العربي وللشخصية العربية من الآخرين حينما كتب"في يديعوت احرونوت قائلا:
".. لا يمكن ان نشير ولو الى زعيم عربي واحد برز بأفعاله، كلهم يبرزون بعدم بروزهم، يهربون من كل فكرة تغيير .. ويخافون من المستقبل، ويحتجزون الاصلاح وراء القضبان، ويتمسكون بالحاضر بأظافرهم... وهم مشغولون بالحفاظ على انفسهم فقط، وبقية الشعوب العربية بلا قيادة" ، ويستشهد الكاتب الاسرائيلي هنا بما تنبأ به الشاعر السوري نزار قباني في الثمانينات في قصيدته "متى سيعلن موت العرب؟" فـ "الامة العربية -كما كتب- ماتت بذنب الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس".
- فلماذا وصلت أوضاع الأمة إلى ما هي عليه اليوم؟
- وما العوامل والدوافع الداخلية والخارجية التي قادت إليها؟
- وما دور السياسات الرسمية العربية في هذا النطاق؟
- وما دور مؤسسة القمم العربية في تكريس أو تغيير الأوضاع؟
- وما الأفاق الحقيقية لفجر عربي جديد في ظل عالم جديد أحادي القطبية والهيمنة وفي ظل نظام شرق أوسطي جديد؟
- ثم ما جدلية العلاقة ما بين النظام العربي والنظام الشرق الأوسطي الذي يقوم بالأساس على استحقاقات حرب الخليج وتدمير العراق استراتيجياً، وبالتالي على ما يسمى "عملية السلام والتعايش والتطبيق" مع دولة الاحتلال الإسرائيلي؟
كل هذه وغيرها الكثير من الأسئلة والتساؤلات والتصورات والسيناريوهات تطرح نفسها اليوم بقوة متعاظمة بالغة الإلحاحية والحسم.
ونعود لقباني، فماذا كان سيقول يا ترى في ضوء ما جرى ويجري في تونس المنتفضة على الموت وعلى الطغاة الذين يمشون على جثث بلا رؤوس...؟!